التسريبات الإعلامية التى تتحدث عن أخطار خارجية تهدد أمن مصر لا تحتمل الهزل، وأحذر من أن تؤخذ على محمل الجد قبل التثبت من مصادرها ومراميها
(1)
يوم السبت 19/4 كان عنوان الصفحة الأولى لجريدة الصباح كالتالى: «الجيش الحر» يتحرك على الحدود ــ والقوات المسلحة: نار جهنم فى انتظاره». وتحت العنوان نشرت صحيفة «الوطن» النص التالى: رفعت المنطقة الغربية العسكرية أمس حالة التأهب للتصدى لأى اختراق بعد رصد كاميرات حرس الحدود تحركات مجموعة من 800 عنصر مما يسمى بـ«الجيش المصرى الحر»، باتجاه الحدود المصرية، وأفادت بأن تقارير مخابراتية تفيد باعتزام هذه العناصر اختراق الحدود بسيارات الدفع الرباعى، مؤكدة استعداد القوات للتعامل معها فورا.
وذكرت مصادر عسكرية أن المخابرات الروسية أمدت القوات المسلحة بمعلومات تفصيلية حول تحركات «الجيش المصرى الحر» الذى جرى تشكيله فى 3 معسكرات داخل ليبيا من نحو 1000 عنصر بينهم 300 إخوان» دخلوا ليبيا بأوراق مزورة، وقالت إن تلك المجموعات فى انتظار إشارة القيادى الإخوانى الهارب محمود عزت لاقتحام الحدود الغربية بالتزامن مع اقتحام عناصر من حركة حماس الحدود مع غزة لتهريب القيادات الإخوانية بالسجون، واستهداف منشآت عسكرية وشخصيات على رأسها المشير عبدالفتاح السيسى المرشح الرئاسى واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وقالت مصادر مطلعة إن الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع ناقش مع قيادت عسكرية الأوضاع على الحدود الغربية وكانت الأجهزة السيادية رصدت اجتماعا لعناصر «الجيش الحر» مساء أمس الأول (الخميس 17/4) فى قاعدة جوية ليبية تسيطر عليها ميليشيات مسلحة، بحضور شريف رضوان أحد قياديى «أنصار الشريعة» قائد «الجيش الحر»، وأبوعبيدة الليبى، وقرة زادة مسئول التنظيم الدولى بعد دخوله ليبيا سرا، لبحث ضم عناصر جديدة من مالى والجزائر واليمن لتكوين أول «جيش إسلامى» لمواجهة الجيش المصرى بعد الاستعانة بأحد أكبر خبراء المفرقعات فى غزة وجلب مواد متفجرة من إسرائيل وتركيا وأشارت إلى أن التنظيم الدولى أنشأ صندوق تبرعات مؤخرا لدعم الجيش الحر فى ليبيا ومقره الأصلى تركيا. بإشراف يوسف ندا وقرة زادة، القياديين بالتنظيم، فيما تمكنت الأجهزة السيادية من فك شفرة الاتصالات بين عناصر «الجيش الحر» الموجودة على الحدود داخل ليبيا، بعد رصد استخدامهم أجهزة تركية وإسرائيلية وشبكات دولية لنقل المعلومات إلى أعوانهم فى مصر.
هذا التقرير الذى نقلته نصا ليس الأول من نوعه، ولكن الصحيفة ذاتها نشرت فى الأيام السابقة تقارير حول نفس الموضوع تحت العناوين التالية: الجيش المصرى الحر يستعرض عسكريا فى ليبيا ــ مصادر: تركيا وقطر وإيران تدعم المسلحين وأغلبهم مصريون ــ مساعدو الظواهرى يقودون التدريبات (17/4) ــ خطة دولية لحرق مصر ــ صحيفة أمريكية تنشر سيناريو المعركة برعاية تركية قطرية إيرانية (16/4) وكانت صحيفة «التحرير» قد نشرت فى 22 فبراير الماضى تقريرا مماثلا تحت العناوين التالية: حرب الظواهرى القادمة على حدود مصر ــ 70 ألف مسلح فى 10 معسكرات ليبية يقود معظمها إرهابيون مصريون ــ المعركة الدائرة فى سيناء ستنتقل إلى حدودنا الغربية مع 3 معسكرات لتكفيريين يقودهم ثروت شحاتة.
(2)
حين رجعت إلى الإنترنت وقلَّبت مواقعه لمتابعة خلفيات القصة لاحظت ما يلى:
• أن التقرير الذى أوردته منسوبا إلى جريدة «الوطن» المصرية التى وضعت عليه أسماء ثلاثة من الصحفيين، وجدته منشورا فى نفس اليوم بصحيفة «الرأى» الكويتية تحت نفس العنوان، لكنها نسبته إلى وكالة أبناء «أونا» التابعة لإحدى المحطات التليفزيونية الخاصة، التى يملكها أحد رجال الأعمال المصريين الذى يحاول أداء دور سياسى وله ارتباطات وثيقة مع بعض الشخصيات الأمنية النشطة فى منطقة الخليج.
• أن المعلومات الأساسية فى التقارير الموجودة على الإنترنت واحدة مكررة، سواء فيما خص هوية الشخصيات التى نسبت إليها أدوار فى المخطط المذكور، أو مواقع المعسكرات ومخازن تكديس السلاح، وإن اختلفت تقديرات الأرقام، ففى حين تحدثت صحيفة التحرير عن 70 ألف مسلح، فإن المصادر الأخرى تحدثت مرة عن ثلاثة آلاف ومرة ثانية عن ألف. وقال أحد «الخبراء» الاستراتيجيين إن عددهم يتراوح بين 700 و800 إرهابى.
• أن المنابر الإعلامية التى تتناقل قصص وتفصيلات ما يسمى بالجيش المصرى الحر تتراوح بين مصادر إعلامية سعودية، أو جهات سعودية التمويل (موقع إيلاف مثلا) أو صحيفة تمولها دولة الإمارات العربية فى لندن أو مواقع تمولها الدول ذاتها فى مصر.
• أثار انتباهى فى سيل الأخبار والتقارير المنشورة كثرة ترديد اسم أبوعبيدة الليبى الرئيس السابق لغرفة ثوار ليبيا. حيث ينسب إليه القيام بدور قيادى فى ملف الجيش الحر ومخططاته التى يقال إنها تستهدف مصر. وحين رجعت إلى أوراقى وجدت أن الرجل ــ اسمه الأصلى شعبان مسعود خليفة ــ كان قد ألقى القبض عليه بالإسكندرية فى شهر يناير الماضى إثر دسيسة أمنية ادعت عليه أنه دخل بوسيلة غير مشروعة ويقوم بدعم الإرهاب والتآمر على مصر، وأنه ينسق مع رئيس المخابرات القطرية. وهو ما أبرزته الصحف المصرية الصادرة آنذاك. ثم تبين أن الرجل جاء إلى مصر بتأشيرة شرعية، وأن له بيتا بالإسكندرية، وأنه قدم للعلاج ومواصلة رسالة يعدها للدكتوراه، فأطلق سراحه بعدما ثبتت براءته.
• وقعت على تسجيل لإحدى الحلقات التليفزيونية التى قدمها فى 17/4 الأستاذ مصطفى بكرى على إحدى القنوات التى يملكها آخر من رجال الأعمال، وبعد أن تحدث عن تفاصيل كثيرة متعلقة بالجيش المذكور، وأشار فيها إلى أسماء أشخاص ومواقع وبلدات، قال إن أيمن الظواهرى الذى الذى خلف أسامة بن لادن فى رئاسة القاعدة قام بزيارة سرية لليبيا بعد الإعلان عن تشكيل الجيش المصرى. وعجبت أن تظل الزيارة خافية على أجهزة المخابرات العالمية وعلى رأسها الأمريكية، فى حين علمت بأمرها مصادر زميلنا الذى احتفظ بها لكى «ينفرد» بها فى برنامجه التليفزيونى.
• وجدت أيضا إلحاحا فى بيانات الإنترنت المعتمدة على المصادر المختلفة على أن الجيش المذكور الذى يتولى إرهابيو القاعدة تدريبه، يسانده ويموله القطريون والأمريكان والأتراك والإيرانيون والإسرائيليون، وأن منظميه يستعينون ببعض الخبرات من غزة، وتلك صياغة واضح فيها أنها تخاطب السلطة فى مصر، وتحاول إقناعها بأن كل المختلفين مع النظام القائم وخصومه يقفون وراء الجيش ومؤامرته.
• وقعت فى ثنايا الخلفيات المنشورة على حوار أجراه فى شهر فبراير الماضى رئيس تحرير جريدة الحياة اللندنية الزميل غسان شربل مع السيد محمود جبريل رئيس الوزراء الليبى الأسبق الذى نحى عن منصبه بعد الثورة، وفى ذلك الحوار شن الرجل هجوما شديدا على قطر، وانتقد معارضيه الإسلاميين فى ليبيا، وقال إن هناك محاولة لاستعادة نظام الإخوان والدكتور محمد مرسى عبرالحدود الغربية مع ليبيا وحذر من تكرار التجربة السورية فى مصر.
• فى السيناريو المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فإن حملة إسقاط النظام فى مصر بواسطة الجيش الحر، التى قيل إنها تنتظر الإشارة من نائب مرشد الإخوان الذى لا يعرف مكانه الدكتور محمود عزت، ستتم من خلال هجوم من الغرب عبر الحدود الليبية، يقابله آخر من الشرق مصدره قطاع غزة.
(3)
الكلام كبير وخطير، وإذا صح فإنه بمثابة إعداد لإعلان حرب على مصر، يتم على أبوابها، وتحت سمع وبصر مسئوليها، الأمر الذى لا أتصور أنه يمكن السكوت عليه، حيث لا يمكن الهزل فيه، ولا تقبل أى درجة من الجدية فيه حتى وإن كانت نسبته نصف فى المائة.
استطلعت رأى مسئول كبير فى وزارة الخارجية المصرية فكان رده أنه لم يصدر تصريح رسمى من القاهرة حول الموضوع، وكل ما قيل بشأن الجيش الحر هو سرديات إعلامية، لا تتجاهلها مصر ولكنها تراقبها وتتابعها.
ألقيت السؤال ذاته على مسئول ليبى وثيق الصلة بالنظام القائم فقال: ان حكومة بلاده لم تتلق أى سؤال رسمى من القاهرة يتعلق بمسألة الجيش الحر. ولكن حين سئل وزير الخارجية الليبى السيد محمد عبدالعزيز (المتخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة) فإنه رد على إحدى المحطات المصرية يوم 13/4ــ قائلا إن مسألة الجيش الحر شائعة روج لها البعض، ولا أساس لها من الصحة. ولا يمكن أن تقبل الحكومة الليبية بوجود أى تجمع مسلح أو غير مسلح على أراضيها يستهدف مصر.
أضاف محدثى الذى طلب عدم ذكر اسمه أن هناك مجموعات تابعة لنظام القذافى شكلت جيشا إلكترونيا هدفه تشويه الثورة الليبية والوقيعة بينها وبين مصر، وهذه المجموعات التى تعمل جنبا إلى جنب مع مجموعات أخرى مسلحة كشف عنها الساعدى ابن القذافى بعد إلقاء القبض عليه هى التى تصور بحسبانها جيشا يهدد مصر، ثم قال صاحبنا ان مصر تعلم ذلك جيدا وان أجهزتها الاستخبارية لابد ان تكون على دراية كافية بالحقيقة. حيث لا يعقل أن يعمل فى ليبيا مليونا و800 ألف مصرى ولا يكون هناك وجود قوى للأجهزة الأمنية.
استطرد المسئول الليبى قائلا ان حكومة طرابلس تعرف جيدا من يقف وراء تلك الحملة، كما أن لديها شكوكا فى ان بعض الليبيين الموجودين فى القاهرة ممن كانوا أعوانا للقذافى من الضالعين فى حملة الدس والوقيعة التى يبرز أخبارها الإعلام المصرى.
(4)
أفهم أن هناك نزوعا للإثارة فى بعض وسائل الإعلام المصرية، لكننى لم أستطع أن أستوعب فكرة استخدام مشروع إعلان الحرب على مصر لكى يصبح ورقة فى لعبة الإثارة. كما أننى أستغرب ان تظل القصة معلقة فى الهواء دون نفى أو تأكيد رسمى، الأمر الذى يحولها إلى مصدر للتخويف والبلبلة. ولا أجد تفسيرا لصمت المتحدث العسكرى المصرى إزاء أمر خطير كهذا. فى الوقت ذاته فإننى لا أشك فى أن أغلب المعلومات التى بثت عن حكاية الجيش الحر مرت ببعض قنوات المؤسسة الأمنية المصرية. الأمر الذى يرفع من مؤشرات الحيرة والبلبلة.
لقد قرأت فى تعليق أحدهم على تقارير «الجيش الوطنى» قوله إن مصر فى خطر وعلى الجيش والشرطة الاستنفار والتحسب لمواجهته. ولا أعرف ماذا وراء هذه الدعوة. وهل تحثنا على الاحتشاد وراء المشير السيسى فى انتخابات الرئاسة. أم أنها تستفزنا لكى ننشغل بالخطر الموهوم القادم من الخارج وتصرفنا عن هموم ومشكلات الداخل. ليست عندى إجابة على شىء من تلك التساؤلات لكننى أعرف أن التهديد بالحرب على مصر لا ينبغى أن يكون موضوعا للإثارة أو محلا للعبث وتصفية الحساب. ثم إنه فى أمر جلل كهذا يجب ألا تلتزم الحكومة أو المتحدث العسكرى بالصمت، لأن الصمت فى هذه الحالة لا يمكن أن يعد فضيلة. ولا أريد أن أتصور أنه صمت الذين استسلموا للتحريض والوقيعة وراحوا يدبرون لأى رد فعل مجنون، ينطبق عليه المثل المصرى الذى يتحدث عن ذلك الذى أراد أن يكحلها فأعماها!
(1)
يوم السبت 19/4 كان عنوان الصفحة الأولى لجريدة الصباح كالتالى: «الجيش الحر» يتحرك على الحدود ــ والقوات المسلحة: نار جهنم فى انتظاره». وتحت العنوان نشرت صحيفة «الوطن» النص التالى: رفعت المنطقة الغربية العسكرية أمس حالة التأهب للتصدى لأى اختراق بعد رصد كاميرات حرس الحدود تحركات مجموعة من 800 عنصر مما يسمى بـ«الجيش المصرى الحر»، باتجاه الحدود المصرية، وأفادت بأن تقارير مخابراتية تفيد باعتزام هذه العناصر اختراق الحدود بسيارات الدفع الرباعى، مؤكدة استعداد القوات للتعامل معها فورا.
وذكرت مصادر عسكرية أن المخابرات الروسية أمدت القوات المسلحة بمعلومات تفصيلية حول تحركات «الجيش المصرى الحر» الذى جرى تشكيله فى 3 معسكرات داخل ليبيا من نحو 1000 عنصر بينهم 300 إخوان» دخلوا ليبيا بأوراق مزورة، وقالت إن تلك المجموعات فى انتظار إشارة القيادى الإخوانى الهارب محمود عزت لاقتحام الحدود الغربية بالتزامن مع اقتحام عناصر من حركة حماس الحدود مع غزة لتهريب القيادات الإخوانية بالسجون، واستهداف منشآت عسكرية وشخصيات على رأسها المشير عبدالفتاح السيسى المرشح الرئاسى واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وقالت مصادر مطلعة إن الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع ناقش مع قيادت عسكرية الأوضاع على الحدود الغربية وكانت الأجهزة السيادية رصدت اجتماعا لعناصر «الجيش الحر» مساء أمس الأول (الخميس 17/4) فى قاعدة جوية ليبية تسيطر عليها ميليشيات مسلحة، بحضور شريف رضوان أحد قياديى «أنصار الشريعة» قائد «الجيش الحر»، وأبوعبيدة الليبى، وقرة زادة مسئول التنظيم الدولى بعد دخوله ليبيا سرا، لبحث ضم عناصر جديدة من مالى والجزائر واليمن لتكوين أول «جيش إسلامى» لمواجهة الجيش المصرى بعد الاستعانة بأحد أكبر خبراء المفرقعات فى غزة وجلب مواد متفجرة من إسرائيل وتركيا وأشارت إلى أن التنظيم الدولى أنشأ صندوق تبرعات مؤخرا لدعم الجيش الحر فى ليبيا ومقره الأصلى تركيا. بإشراف يوسف ندا وقرة زادة، القياديين بالتنظيم، فيما تمكنت الأجهزة السيادية من فك شفرة الاتصالات بين عناصر «الجيش الحر» الموجودة على الحدود داخل ليبيا، بعد رصد استخدامهم أجهزة تركية وإسرائيلية وشبكات دولية لنقل المعلومات إلى أعوانهم فى مصر.
هذا التقرير الذى نقلته نصا ليس الأول من نوعه، ولكن الصحيفة ذاتها نشرت فى الأيام السابقة تقارير حول نفس الموضوع تحت العناوين التالية: الجيش المصرى الحر يستعرض عسكريا فى ليبيا ــ مصادر: تركيا وقطر وإيران تدعم المسلحين وأغلبهم مصريون ــ مساعدو الظواهرى يقودون التدريبات (17/4) ــ خطة دولية لحرق مصر ــ صحيفة أمريكية تنشر سيناريو المعركة برعاية تركية قطرية إيرانية (16/4) وكانت صحيفة «التحرير» قد نشرت فى 22 فبراير الماضى تقريرا مماثلا تحت العناوين التالية: حرب الظواهرى القادمة على حدود مصر ــ 70 ألف مسلح فى 10 معسكرات ليبية يقود معظمها إرهابيون مصريون ــ المعركة الدائرة فى سيناء ستنتقل إلى حدودنا الغربية مع 3 معسكرات لتكفيريين يقودهم ثروت شحاتة.
(2)
حين رجعت إلى الإنترنت وقلَّبت مواقعه لمتابعة خلفيات القصة لاحظت ما يلى:
• أن التقرير الذى أوردته منسوبا إلى جريدة «الوطن» المصرية التى وضعت عليه أسماء ثلاثة من الصحفيين، وجدته منشورا فى نفس اليوم بصحيفة «الرأى» الكويتية تحت نفس العنوان، لكنها نسبته إلى وكالة أبناء «أونا» التابعة لإحدى المحطات التليفزيونية الخاصة، التى يملكها أحد رجال الأعمال المصريين الذى يحاول أداء دور سياسى وله ارتباطات وثيقة مع بعض الشخصيات الأمنية النشطة فى منطقة الخليج.
• أن المعلومات الأساسية فى التقارير الموجودة على الإنترنت واحدة مكررة، سواء فيما خص هوية الشخصيات التى نسبت إليها أدوار فى المخطط المذكور، أو مواقع المعسكرات ومخازن تكديس السلاح، وإن اختلفت تقديرات الأرقام، ففى حين تحدثت صحيفة التحرير عن 70 ألف مسلح، فإن المصادر الأخرى تحدثت مرة عن ثلاثة آلاف ومرة ثانية عن ألف. وقال أحد «الخبراء» الاستراتيجيين إن عددهم يتراوح بين 700 و800 إرهابى.
• أن المنابر الإعلامية التى تتناقل قصص وتفصيلات ما يسمى بالجيش المصرى الحر تتراوح بين مصادر إعلامية سعودية، أو جهات سعودية التمويل (موقع إيلاف مثلا) أو صحيفة تمولها دولة الإمارات العربية فى لندن أو مواقع تمولها الدول ذاتها فى مصر.
• أثار انتباهى فى سيل الأخبار والتقارير المنشورة كثرة ترديد اسم أبوعبيدة الليبى الرئيس السابق لغرفة ثوار ليبيا. حيث ينسب إليه القيام بدور قيادى فى ملف الجيش الحر ومخططاته التى يقال إنها تستهدف مصر. وحين رجعت إلى أوراقى وجدت أن الرجل ــ اسمه الأصلى شعبان مسعود خليفة ــ كان قد ألقى القبض عليه بالإسكندرية فى شهر يناير الماضى إثر دسيسة أمنية ادعت عليه أنه دخل بوسيلة غير مشروعة ويقوم بدعم الإرهاب والتآمر على مصر، وأنه ينسق مع رئيس المخابرات القطرية. وهو ما أبرزته الصحف المصرية الصادرة آنذاك. ثم تبين أن الرجل جاء إلى مصر بتأشيرة شرعية، وأن له بيتا بالإسكندرية، وأنه قدم للعلاج ومواصلة رسالة يعدها للدكتوراه، فأطلق سراحه بعدما ثبتت براءته.
• وقعت على تسجيل لإحدى الحلقات التليفزيونية التى قدمها فى 17/4 الأستاذ مصطفى بكرى على إحدى القنوات التى يملكها آخر من رجال الأعمال، وبعد أن تحدث عن تفاصيل كثيرة متعلقة بالجيش المذكور، وأشار فيها إلى أسماء أشخاص ومواقع وبلدات، قال إن أيمن الظواهرى الذى الذى خلف أسامة بن لادن فى رئاسة القاعدة قام بزيارة سرية لليبيا بعد الإعلان عن تشكيل الجيش المصرى. وعجبت أن تظل الزيارة خافية على أجهزة المخابرات العالمية وعلى رأسها الأمريكية، فى حين علمت بأمرها مصادر زميلنا الذى احتفظ بها لكى «ينفرد» بها فى برنامجه التليفزيونى.
• وجدت أيضا إلحاحا فى بيانات الإنترنت المعتمدة على المصادر المختلفة على أن الجيش المذكور الذى يتولى إرهابيو القاعدة تدريبه، يسانده ويموله القطريون والأمريكان والأتراك والإيرانيون والإسرائيليون، وأن منظميه يستعينون ببعض الخبرات من غزة، وتلك صياغة واضح فيها أنها تخاطب السلطة فى مصر، وتحاول إقناعها بأن كل المختلفين مع النظام القائم وخصومه يقفون وراء الجيش ومؤامرته.
• وقعت فى ثنايا الخلفيات المنشورة على حوار أجراه فى شهر فبراير الماضى رئيس تحرير جريدة الحياة اللندنية الزميل غسان شربل مع السيد محمود جبريل رئيس الوزراء الليبى الأسبق الذى نحى عن منصبه بعد الثورة، وفى ذلك الحوار شن الرجل هجوما شديدا على قطر، وانتقد معارضيه الإسلاميين فى ليبيا، وقال إن هناك محاولة لاستعادة نظام الإخوان والدكتور محمد مرسى عبرالحدود الغربية مع ليبيا وحذر من تكرار التجربة السورية فى مصر.
• فى السيناريو المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فإن حملة إسقاط النظام فى مصر بواسطة الجيش الحر، التى قيل إنها تنتظر الإشارة من نائب مرشد الإخوان الذى لا يعرف مكانه الدكتور محمود عزت، ستتم من خلال هجوم من الغرب عبر الحدود الليبية، يقابله آخر من الشرق مصدره قطاع غزة.
(3)
الكلام كبير وخطير، وإذا صح فإنه بمثابة إعداد لإعلان حرب على مصر، يتم على أبوابها، وتحت سمع وبصر مسئوليها، الأمر الذى لا أتصور أنه يمكن السكوت عليه، حيث لا يمكن الهزل فيه، ولا تقبل أى درجة من الجدية فيه حتى وإن كانت نسبته نصف فى المائة.
استطلعت رأى مسئول كبير فى وزارة الخارجية المصرية فكان رده أنه لم يصدر تصريح رسمى من القاهرة حول الموضوع، وكل ما قيل بشأن الجيش الحر هو سرديات إعلامية، لا تتجاهلها مصر ولكنها تراقبها وتتابعها.
ألقيت السؤال ذاته على مسئول ليبى وثيق الصلة بالنظام القائم فقال: ان حكومة بلاده لم تتلق أى سؤال رسمى من القاهرة يتعلق بمسألة الجيش الحر. ولكن حين سئل وزير الخارجية الليبى السيد محمد عبدالعزيز (المتخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة) فإنه رد على إحدى المحطات المصرية يوم 13/4ــ قائلا إن مسألة الجيش الحر شائعة روج لها البعض، ولا أساس لها من الصحة. ولا يمكن أن تقبل الحكومة الليبية بوجود أى تجمع مسلح أو غير مسلح على أراضيها يستهدف مصر.
أضاف محدثى الذى طلب عدم ذكر اسمه أن هناك مجموعات تابعة لنظام القذافى شكلت جيشا إلكترونيا هدفه تشويه الثورة الليبية والوقيعة بينها وبين مصر، وهذه المجموعات التى تعمل جنبا إلى جنب مع مجموعات أخرى مسلحة كشف عنها الساعدى ابن القذافى بعد إلقاء القبض عليه هى التى تصور بحسبانها جيشا يهدد مصر، ثم قال صاحبنا ان مصر تعلم ذلك جيدا وان أجهزتها الاستخبارية لابد ان تكون على دراية كافية بالحقيقة. حيث لا يعقل أن يعمل فى ليبيا مليونا و800 ألف مصرى ولا يكون هناك وجود قوى للأجهزة الأمنية.
استطرد المسئول الليبى قائلا ان حكومة طرابلس تعرف جيدا من يقف وراء تلك الحملة، كما أن لديها شكوكا فى ان بعض الليبيين الموجودين فى القاهرة ممن كانوا أعوانا للقذافى من الضالعين فى حملة الدس والوقيعة التى يبرز أخبارها الإعلام المصرى.
(4)
أفهم أن هناك نزوعا للإثارة فى بعض وسائل الإعلام المصرية، لكننى لم أستطع أن أستوعب فكرة استخدام مشروع إعلان الحرب على مصر لكى يصبح ورقة فى لعبة الإثارة. كما أننى أستغرب ان تظل القصة معلقة فى الهواء دون نفى أو تأكيد رسمى، الأمر الذى يحولها إلى مصدر للتخويف والبلبلة. ولا أجد تفسيرا لصمت المتحدث العسكرى المصرى إزاء أمر خطير كهذا. فى الوقت ذاته فإننى لا أشك فى أن أغلب المعلومات التى بثت عن حكاية الجيش الحر مرت ببعض قنوات المؤسسة الأمنية المصرية. الأمر الذى يرفع من مؤشرات الحيرة والبلبلة.
لقد قرأت فى تعليق أحدهم على تقارير «الجيش الوطنى» قوله إن مصر فى خطر وعلى الجيش والشرطة الاستنفار والتحسب لمواجهته. ولا أعرف ماذا وراء هذه الدعوة. وهل تحثنا على الاحتشاد وراء المشير السيسى فى انتخابات الرئاسة. أم أنها تستفزنا لكى ننشغل بالخطر الموهوم القادم من الخارج وتصرفنا عن هموم ومشكلات الداخل. ليست عندى إجابة على شىء من تلك التساؤلات لكننى أعرف أن التهديد بالحرب على مصر لا ينبغى أن يكون موضوعا للإثارة أو محلا للعبث وتصفية الحساب. ثم إنه فى أمر جلل كهذا يجب ألا تلتزم الحكومة أو المتحدث العسكرى بالصمت، لأن الصمت فى هذه الحالة لا يمكن أن يعد فضيلة. ولا أريد أن أتصور أنه صمت الذين استسلموا للتحريض والوقيعة وراحوا يدبرون لأى رد فعل مجنون، ينطبق عليه المثل المصرى الذى يتحدث عن ذلك الذى أراد أن يكحلها فأعماها!