اولا : التعريف القانوني لجنحة الخيانة الزوجية:
إذا تصفحنا قانون الجنائي التشادي نجد أن المشرع التشادي لم يتعرض إلى تعريف الخيانة الزوجية ؛ بل اكتفى فقط ببيان صفة مرتكبها سواء تعلق الأمر بالفاعل الأصلي ( المرأة ) أو الشريك ( الرجل ) ، فأشارت المادة رقم 385 على معاقبة كل طرف في علاقه زوجية يخون الطرف الآخر، بالإضافة إلى معاقبة الشريك بنفس العقوبة، وعليه فإن جنحة الخيانة الزوجية لا تقوم إلا بين رجل وامرأة يكون أحدهما أو كلاهما متزوجا وان يكون الشريك من الجنس المقابل وإلا فنحن بصدد ما يسمى بالشذوذ الجنسي ( اللواط أو السحاق ) وهو معاقب عليه في المادة رقم 354 من نفس القانون .
ثانيا : شروط قيام أركان جنحة الخيانة الزوجية:
جنحة الخيانة الزوجية شأنها شأن باقي الجرائم الأخرى ، لا تقوم إلا بتوافر الشروط والاركان التالية :
1/ الركن المادي: يتمثل الركن المادي في جنحة الخيانة الزوجية في الاتصال الجنسي ( المعاشرة ) الذي يقوم به الجاني( الزوجة مع شريكها، أو الزوج مع شريكته ) مع وجود رابطة زوجية بين المتهم أو المتهمة ؛ ورافع الشكوى زوجا كان أو العكس ، ويشترط ان تكون هذه الرابطة قائمة وقت ارتكاب الفعل الجرمي .
يلاحظ مما سبق ان القانون الجنائي لم يعاقب العلاقة الجنسية قبل الزواج ولو بسببه حملت المرأة ، ولم يعاقب ايضا على العلاقة الجنسية التي تقع بعد الرابطة الزوجية سواء بسبب الطلاق أو الوفاة ولكن في المقابل يعاقب القانون إذا كانت العلاقة الجنسية ارتكبت ضد قاصر ، وهذا ما أشارت عليه المادة 359 وما بعدها .
2/ الركن المعنوي: جنحة الخيانة الزوجية من الجرائم التي يطلب القانون لقيامها توافر الركن المعنوي، ويتمثل الركن المعنوي فيما يسمى بالقصد الجنائي، ويعرف القصد الجنائي في لغة القانون على أنه: إنصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الجرمي مع علمه بالعناصر المادية التي ذكرناها سابقا، يستخلص من هذا التعريف (إرادة الجاني وعلمه ).
فالعلم هو علم الجاني بتوافر أركان الفعل الجرمي وبأن القانون يعاقب على ذلك ، والعلم الذي يعتد به القانون هو ذلك العلم اليقيني، وعليه فمجرد الشك في الأمر يجعل من عنصر العلم غير يقيني ، فمثلا الرجل الذي يطأ امرأة معتقدا اعتقادا جديا انها غير متزوجة أو أنها مطلقة لا يعد مرتكبا لجنحة الخيانة الزوجية لانتفاء عنصر العلم على وجه اليقين لديه ، علما بأن الشك غالبا يفسر لمصلحة المتهم (مبدأ قانوني ).
اما الإرادة فيقصد بها اتجاه نية الجاني (الفاعل ) إلى ارتكاب الفعل المادي ومنه إلى تحقيق النتيجة المباشرة ، وعليه يشترط في مرتكب الخيانة الزوجية ان يقوم بالفعل بالإضافة إلى النتيجة المباشرة، وهي تدنيس فراش زوجية الغير ، ولذلك لا تقوم الجريمة في حق من ذهب لقضاء حاجته في بيت للدعارة فوطء امرأة متزوجة كانت موجودة فيه ، لأنه لم يقصد النتيجة وان قام بفعل الواقعة ،ونشير إلى أن هناك عامل مؤثر على القصد الجنائي يتمثل في الاكراه ، على انه لا يكون ارتكاب فعل الخيانة الزوجية قد وقع تحت الاكراه ، فمثلا لو تعرضت الزوجة للاغتصاب فالفعل هنا لا يعد خيانة زوجية، لأن العلاقة الجنسية في هذه الحالة لم تتم بمحض إرادتها ، أو مثلا لو قام الزوج بممارسة علاقة جنسية تحت تأثير مخدر أو كحول ، لا يعد أيضا خيانة زوجية لأن النية الاجرامية منعدمة .
ثالثا: الطرق أو الوسائل القانونية لإثبات جنحة الخيانة الزوجية:
طبقا للمادة رقم 387 من القانون الجنائي التشادي هناك طرق لإثبات جنحة الخيانة الزوجية، وتتمثل هذه الطرق فيما يلي :
1/ حالات التلبس: تثبت جنحة الخيانة الزوجية بأحد حالات التلبس المنصوص عليها في القانون الاجرائي، بشهادة الشهود كإلقاء القبض على الطرف المتزوج وهو بصدد علاقة جنسية مع شخص آخر، او كتواجد امرأة متزوجة مع رجل في حجرة ولا تسترهما إلا ملابس النوم الخفيفة ، أو كمن راوده شك حول تصرفات زوجته وقام بمراقبتها ، بواسطة الشرطة القضائية من أجل نصب كمين للزوجة رفقة عشيقها والقبض عليهما في حالة تلبس. أو غير ذلك من حالات التلبس المنصوص عليها في القانون الاجرائي.
2/ إقرار وارد على شكل رسائل أو مستندات أو صور صادرة عن الفاعل ، وفيها عبارات وكلمات واضحة .
3 / اعتراف المتهم : وهو إقرار الفاعل باقترفه لجنحة الخيانة الزوجية أثناء التحقيق معه أو أثناء المحاكمة ، أو اعترافه أثناء الجلسة والمرافعة ، علما بأن الإعتراف سيد الأدلة في المواد الجنائية.
رابعا : اجراءات تحريك الدعوى :
يتمثل تحريك الدعوى العمومية في جنحة الخيانة الزوجية على تقديم شكوى من قبل الزوج المتضرر ، وذلك نظرا لما يصيبه من أذى نتيجة اخلال الزوج الآخر بواجباته الزوجية ، وعليه فقد رأى المشرع التشادي في سبيل رعاية الرابطة الزوجية والمحافظة عليها وجود رضا الزوج عن رفع الدعوى العمومية وذلك بتقديم الشكوى ، وهذا ما أشارت إليه المادة رقم 386 بنصها ( لا تقوم الدعوى إلا بناء على شكوى الزوج المتضرر ) ، واشترط المادة أيضا عدم تقديم الشكوى ضد بعضهما البعض ، أي بمعنى الزوج بيمارس الخيانة الزوجية والزوجة بتمارس الخيانة الزوجية وكل منهما أصبح لعين فهنا لا يمكن لأحدهما ان يثير الدعوى العمومية في مواجهة الآخر .
وعليه فإنه يستخلص من نص المادة أعلاه انه لا يجوز محاكمة الزوجة التي تخون زوجها مع شخص آخر إلا بعد شكوى زوجها ، كما لا يجوز متابعة ومعاقبة الزوج مرتكب الفعل إلا إذا رغبت الزوجة في ذلك بتقديمها شكوى ضده ، وذلك مراعاة من المشرع التشادي حماية الأسر وحفاظا على اعراض وشرف الناس .
خامسا : العقوبة المقررة لجنحة الخيانة الزوجية:
تعاقب المادة 385 من قانون الجنائي التشادي على ارتكاب الخيانة الزوجية بعقوبة الحبس التي تتراوح ما بين شهرين وستة 06 أشهر، وغرامة مالية قدرها ما بين عشر آلاف فرنك سيفا 50،000f إلى مئة ألف فرنك سيفا 500،000f ، وتطبق نفس العقوبة أعلاه على الشريك في الفعل الجرمي ، أي الشخص الذي يمارس علاقة جنسية(معاشرة ) مع الزوج أو الزوجة، فالمشرع التشادي لم يفرق بين الرجل والمرأة فيما يخص العقوبة ، لذلك نجد أن المشرع التشادي في القانون الجديد اضافة العقوبة الحبسية بخلاف ما جاء في القانون الجنائي القديم في مادته 292 والتي عاقبة الخيانة الزوجية بالغرامة المالية فقط .
سادسا : سقوط دعوى الخيانة الزوجية:
طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 386 من القانون الجنائي التشادي ، تسقط المتابعة في حالة التنازل عن الشكوى ، أي تنازل الزوج عن حقه ، ونشير إلى أن التنازل عن الدعوى العمومية من قبل الزوج المضرور تنصرف اثرها إلى الدعوى المدنية كذلك ان وجدت .
إضافة إلى التنازل تسقط الدعوى بفعل التقادم ، والتقادم في لغة القانون هو زوال الأثر القانوني لفعل معين بمضيء المدة ، أي مضيء المدة التي حددها القانون وذلك بحسب نوع الجريمة من حيث الجسامة، ولما كانت جنحة الخيانة الزوجية تنتمي إلى الجنح فإن مدة تقادمها يكون بمرور ثلاث سنوات متكامله وهو ما جاء في قانون الإجراءات الجنائية المادة رقم 04 من الباب الأول .
وأخيرا تسقط الدعوى العمومية لجنحة الخيانة الزوجية بوفاة أحد الزوجين المتضرر أو الشريك ، وذلك إذا لم يقدم شكواه قبل ذلك .
القاضي_آدم_إبراهيم_آدم